ثلاثية تركية
إيمان الجبرين
|
قبل خمس سنوات انتقلت الفنانة من مدينتها الرياض إلى مدينة صغيرة في بريطانيا لاستكمال دراستها الجامعية. هناك وجدت نفسها مضطرة لتفسير كل تصرفاتها، فالخيارات البديهية التي تتخذها يومياً في الطعام والشراب والتحية واللباس وغيرها لم تعدْ كذلك، كل شيء يحتاج التبرير.. إحساس مزعج أن يسألك الآخرون عن كل شيء، وينتظرون منك إجابة على كل الأسئلة الكبرى المتعلقة بثقافتك وموروثك ودينك والتي يستحيل حسمها، أو يسارعون بتفسير خياراتك وفقاً لتعميمات محفوظة مسبقاً عن كلّ ما تمثّله أو يمثلك. كيف لا، وقد وجَدَت من يظنّ أنه يفهم وطنها أكثر منها!
كلما تكرر الموقف كلما أعادت الفنانة التساؤل عمّن تكون, ومعه يزداد إحساسها بالغربة. كان لابد من البحث عن طريقة تشعرها بالأمان، طريقة تعيد اتصالها بالجذور. تحتاج إلى صورة، صورة واحدة تكفي.. سخّرت الفنانة جلّ أوقات فراغها للبحث بين أرفف المكتبات وصناديق الصور في الأرشيفات القديمة، تبحث عن الوطن.. هناك عثرت على "تركية"، وعثرت على غيرها من الرفاق الذين ظلوا حبيسي الأدراج لعقود بعد أن التقطت صورهم عدسات المستشرقين. وجوه من أرض الوطن، كُتِبَتْ أسمائها وقصصها خلف الصور تنتظر من يأتي ليقضي معها بعضاً من الوقت.. لكن تركية كانت المرأة الوحيدة، والأسوأ أنها ذاقت الغربة مرتين: مرة حين سُرقت في تركيا وهي طفلة –هكذا تحكي القصّة- وبيعت كجارية ساقتها أقدارها إلى حائل لتبدأ حياتها الجديدة ويتغتير اسمها الذي لم تعد تذكره، ومرة بعد موتها حين بقيت صورتها وحيدة في أرشيفات مدينة نيوكاسل الباردة. لذا قررت الفنانة أن لا تترك تركيّة وحدها، فاصطحبتها معها في أماكنها المفضلة. من الآن وصاعداً مهما بدَت إحداهما دخيلة ستجد بجوارها الأخرى حتى تحين لحظة العودة إلى الوطن، فقط حينها لن يكونوا غرباء.. |
إيمان الجبرين، تركيّة على الشاطئ، كولاج وخشب اسكندنافي وخشب بلساء، 53×56سم، 2015م. حقوق الملكيّة لصورة تركية تعود لأرشيف جرترود بيل بجامعة نيوكاسل، بريطانيا
العمل الثاني
إيمان الجبرين، تركيّة في النورث لينز، كولاج وخشب اسكندنافي وخشب بلساء، 53×56سم، 2015م. حقوق الملكيّة لصورة تركية تعود لأرشيف جرترود بيل بجامعة نيوكاسل، بريطانيا.
العمل الثالث
إيمان الجبرين، تركيّة بجوار الشّباك، كولاج وخشب اسكندنافي وخشب بلساء، 53×56سم، 2015م. حقوق الملكيّة لصورة تركية تعود لأرشيف جرترود بيل بجامعة نيوكاسل، بريطانيا.